الفاعلية النقابية :الضوابط والمنزلقات

الفعل النقابي هو الممارسة الميدانية لتدبير الشأن الطلابي بما يكفل للطالب حقوقه المادية والمعنوية أوبعبارة أخرى هو تدبير الخلاف الحاصل بين الطالب والإدارة و الأستاذ ،بين اطراف الأسرة الجامعية بشكل عام ،بالوسائل والإمكانات (الآليات)التي يتيحها القانون وتسمح بها بل وترعاها المواثيق المنظمة للفعل النقابي و بهذا الخصوص ،كالإضراب والاعتصام والحوار والمفاوضات الجماعية ...وغيرها ،وتقاس الفاعلية النقابية بمدى تأثير الفاعل النقابي على القرار الإداري و السياسي محليا ومركزيا اعتمادا على رؤية أو مشروع يؤطر ممارسته ويساهم في متانة بنائه ، وبناء على مايطرحه من ملفات وقضايا تهم الطالب و الجاكعة و الوطن.
أما فيما يخص درجة الفاعلية النقابية فيتحكم فيها ما يتحلى به الممارس النقابي من خبرة في إدارة الحوار ومسؤولية وجرأة في تناول وطرح القضايا الحقيقية ، إضافة إلى مرجعية أخلاقية تضبط سيره أن تعصف به رياح المصالح الشخصية وتؤسس ثوابته التي لا تقبل المساومة ،ووضوح في الممارسة والخطاب ، بالإضافة إلى شمولية في النظرة إلى الأبعاد المتعددة للعمل النقابي التي تلامس كل اهتمامات الطلبة المادية والمعنوية ،وهو الأمر الذي يكسب الفاعل النقابي مصداقية لدى قواعده وقوة جماهيرية هي أهم آليات الضغط الطلابي التي يتم الالتجاء إليها عند الضرورة للتأثير على صانع القرار الإداري بل حتى السياسي في أحيان كثيرة .
إن مراكمة التجربة الميدانية والتأطير النظري الهادف المستوعب لتناقضات الواقع وسنن الكون ، وأخلاقية الممارس النقابي هو الذي يصنع الفعل النقابي الراشد المنضبط و الملتزم بأهداف نقابية واضحة ،ومبادئ أخلاقية تحكم الفعل وتوجهه ،كما أن أي ممارسة نقابية لاتنبني على نظرة شمولية للأمور أو تتناول الطرح في حيز واحد ضيق هو حيز المطالب المادية فقط تخطيء حسب تقديرنا أكثر مما تصيب بحيث تنظر للأمور بعين واحدة هي العين المادية ،فتكون نظرتها عوراء لأنها اختزلت المطلب أو الطرح في بعده المادي لتجعل منه دودة أرضية تعيش لتأكل و تأكل وتتصارع لتعيش وليس بعد الأكل وإشباع الغرائز المادية مطلب معنوي سام لدى الإنسان ، في الوقت الذي تجد فيه النقابة حتما أصنافا من الناس لهم أولويات غير الأولويات المادية: كالحرية و الكرامة والعزة ، وغيرها من المطالب والمعاني التي تتجاوز حدود ماهو مادي وتشكل أسسا ومنطلقات أساسية لفكر نقابي أرقى ،وعلى هذا الأساس فإن غياب شمولية النظرة يجرد الفعل النقابي مما يحيط به من مؤثرات وما يتبعه من لواحق وانعكاسات قد لاتدخل في الحسبان وهي من الأهمية بمكان .